يعتقد البعض أن الرشوة تقتصر فقط على الإدارات والمرافق العمومية، لكن الواقع يبين عكس ذلك، إذ أن بعض الأكاديميين والمثقفين والأساتذة الجامعيين أيضا، غارقون في الفساد، ويمولون مجلات لا مصداقية علمية لها، لنشر دراسات ومقالات “علمية”، دون أن تخضع للمراجعة والتمحيص من أجل الترقي في السلم المهني.
وكشفت دراسة علمية حديثة، صادرة عن جامعة “تشارلز براغ”، أن الأساتذة الجامعيين، والباحثين في مراكز البحث العلمي، لهم باع كبير في إرشاء بعض المجلات بالمال، من أجل التغاضي عن الأخطاء العلمية، وعدم القيام بالمراجعة الدقيقة (مراجعة الأقران)، للدراسات التي ينشرونها.
وجاء المغاربة في الرتبة 12 عالميا، والمركز الثاني إفريقيا، في تصنيف شمل 172 دولة، بمعدل 7 مقالات ودراسات مغشوشة من كل مائة بحث، وهو رقم مرتفع جدا، لأن أول دولة تمول البحث العلمي المغشوش هي كازاخستان، بمعدل 17 دراسة من كل 100 بحث.
ويتم الاعتماد على هذه المقالات والدراسات، قصد الترقي المهني وشغل بعض مناصب المسؤولية، ومن أجل نيل درجة الدكتوراه، وترؤس الشعب والأقسام داخل الجامعات ومراكز البحث، وهو ما يعني الإشراف على البحث العلمي، وولوج الجامعات من أجل التدريس وغيرها، خاصة أن بعض المناصب وتخطي بعض الدرجات، يشترط على الباحث نشر عدد من المقالات العلمية، من أجل الحصول عليها.
وقالت الدراسة، التي صنفت البحث غير العلمي جغرافيا، أن هؤلاء الأكاديميين، يحولون الأموال إلى بعض المجلات “العلمية”، مقابل نشر أعمالهم بطريقة تفضيلية، خاصة أن هذه المقالات في الوضع العادي، تخضع لما يسمى “مراجعة الأقران”، إذ تعرض تلك المقالات للتصحيح، من قبل باحثين من التخصص نفسه، في جميع أرجاء العالم، وهو ما يسقط أغلب المقالات لأنها تضم أخطاء علمية أو منسوخة عن بحوث سابقة أو غيرها من المسائل، التي تجعلها غير مؤهلة للنشر بهذه المجلات.
وأعادت الدراسة نفسها، النقاش حول البحث العلمي بالمغرب، والغش الذي يمارسه عدد من الباحثين، من أجل نيل شهادات الدكتوراه، والترقي المهني في مراكز البحث والجامعات. ويعيش البحث العلمي بالمغرب أزمة حقيقية، إذ بالإضافة إلى الغش والتزوير في الدراسات، هناك اتهامات موجهة لرؤساء مختبرات الدكتوراه، الذين يطالبون الطلبة بمبالغ مالية تصل إلى ثلاث ملايين أو أكثر في بعض الأحيان، حسب تصريحات بعضهم، إضافة إلى ظاهرة الجنس مقابل النقاط والنجاح.
المقال التالي